
الجنيه الرقمي المصري: تعزيز القوة الشرائية وتقليل اعتماد الدولار… وداعًا للدولار

الجنيه الرقمي المصري: مستقبل السيولة والتجارة الدولية
في ظل التحولات المالية العالمية وارتفاع الاعتماد على العملات الرقمية، بدأت العديد من الدول في دراسة وإطلاق **عملات رقمية مركزية للبنوك (CBDC)**. مصر ليست استثناء، وهنا على بوابة عالم واحد للإعلام والبرمجيات التابعة لشركة عالم واحد للبرمجة والذكاء الاصطناعي أدعو الحكومة والبنك المركزي إلى إطلاق **الجنيه الرقمي**، الذي يمثل نسخة إلكترونية من الجنيه المصري الورقي، مع القدرة على التداول المحلي والدولي، مما يعزز سيولة الاقتصاد ويحد من الضغط على الدولار الأمريكي.
تحليل يكتبه : محمد الضبعان - الرئيس التنفيذ لـ عالم واحد للإعلام والبرمجيات وتقنيات الذكاء الاصطناعي
تعريف الجنيه الرقمي
الجنيه الرقمي هو **عملة رقمية رسمية تصدرها الدولة عن طريق البنك المركزي المصري**، وتتمتع بنفس القيمة القانونية مثل النقود الورقية. يمكن استخدامه في المعاملات اليومية مثل شراء السلع والخدمات، دفع الأجور، والقروض الصغيرة، بالإضافة إلى التجارة الدولية عبر منصة تسوية مشتركة مع شركاء تجاريين. بخلاف العملات المشفرة الخاصة مثل البيتكوين أو الإيثيريوم، فإن الجنيه الرقمي **مضمون بالقيمة الرسمية للجنيه المصري وخاضع للرقابة البنكية**، ما يجعله أكثر أمانًا واستقرارًا.
آلية الإصدار وفق تصورنا
يصدر البنك المركزي الجنيه الرقمي ويقوم بتوزيعه على:
1. **البنوك التجارية:** وهي البنوك التي يتعامل معها المواطنون والشركات يوميًا، مثل البنك الأهلي وبنك مصر. تقوم هذه البنوك بتوفير الجنيه الرقمي للعملاء مقابل رصيدهم بالجنيه المصري أو عبر المحافظ الرقمية.
2. **صانعو السوق (Market Makers):** وهم كيانات مالية متخصصة تضمن **السيولة المستمرة للجنيه الرقمي** في السوق. يقومون بشراء الجنيه الرقمي فور استلامه من المصدّر الأجنبي، ثم بيعه للمستوردين أو المستثمرين الآخرين، مقابل فرق سعر ورسوم معاملات.
تنقسم آلية الإصدار إلى نوعين رئيسيين:
* **Retail CBDC:** للاستخدام اليومي المحلي، يشمل الأفراد والشركات الصغيرة.
* **Wholesale CBDC:** للتسوية بالجملة والتجارة الدولية بين البنوك.
منصة التسوية المشتركة: كيف تعمل
لتداول الجنيه الرقمي دوليًا، لن يعتمد النظام على منصات تداول عامة مثل باينانس، بل سيعتمد على **منصة تسوية مشتركة بين البنوك المركزية** في الدول الشريكة لمصر (مثل الهند، الصين، الإمارات). تعمل هذه المنصة على تبادل الجنيه الرقمي مباشرة مقابل العملات المحلية للشركاء التجاريين، دون المرور بالدولار الأمريكي.
**وظائف المنصة:**
* توفير السيولة المستمرة من خلال صانعي السوق.
* تسجيل المعاملات بشكل آمن وشفاف باستخدام تقنيات البلوكشين أو نظم DLT.
* تسهيل المدفوعات الدولية بسرعة وبتكلفة أقل، وتقليل مخاطر تقلب العملات.
المستوردون والمستثمرون: كيف يشترون الجنيه الرقمي؟
المستورد المصري أو المستثمر يحتاج الجنيه الرقمي لإتمام المدفوعات المحلية أو التجارة الدولية. في السوق الثانوي، **يدفعون بالعملة التي يمتلكونها**، مثل الجنيه المصري أو العملات الرقمية المستقرة (Stablecoins). يحصلون مقابل ذلك على الجنيه الرقمي، بينما يقوم البنك أو صانع السوق بإعادة بيع الجنيه الرقمي لمشتري جديد، ما يضمن **استمرار السيولة في السوق**.
أما المصدّر الأجنبي، فعادة لا يحتاج للاحتفاظ بالجنيه الرقمي؛ يبيعه فورًا للبنك أو صانع السوق مقابل عملته المحلية (مثل الروبية)، وهذا يحافظ على **سلاسة الدورة المالية** ويجنب الحاجة إلى الدولار الأمريكي.
حجم سوق الاستيراد وتأثير الجنيه الرقمي
تقدر واردات مصر لعام 2024 بحوالي **94.7 مليار دولار**، بزيادة قدرها 12% عن العام السابق. تشمل الواردات: المنتجات البترولية، المواد الأولية، القمح، الأدوية، الذرة، السيارات وغيرها.
إذا تم تحويل 20% من هذه الواردات للتسوية عبر الجنيه الرقمي، فإن ذلك يمثل حوالي **18.9 مليار دولار** من المعاملات التي يمكن إجراءها دون الاعتماد على الدولار. هذا التحول له تأثير مباشر على:
- تقليل الضغط على احتياطي النقد الأجنبي.
- تحسين التوازن التجاري.
- زيادة الطلب على الجنيه المصري، ما يعزز قيمته واستقراره.
دعم الجنيه المصري
آلية الجنيه الرقمي تدعم الجنيه المصري بعدة طرق:
1. **زيادة الطلب:** المستوردون والمستثمرون يحتاجون الجنيه الرقمي، مما يرفع الطلب على الجنيه المصري.
2. **تقليل الاعتماد على الدولار:** بتسوية التجارة الدولية مباشرة عبر منصة مشتركة، يقل الضغط على الدولار الأمريكي ويزيد استقلالية الجنيه المصري.
3. **تعزيز الاستقرار النقدي:** البنك المركزي يتحكم في العرض والسيولة، ما يقلل التقلبات ويزيد الثقة في العملة.
4. **تحفيز الاقتصاد الرقمي:** الدفع الإلكتروني والمدفوعات الرقمية تصبح أكثر شيوعًا، ما يقلل الاعتماد على النقد الورقي ويزيد كفاءة الاقتصاد.
دور البنوك التجارية وصانعي السوق
* **البنوك التجارية**: حلقة وصل بين البنك المركزي والعملاء المحليين، توفر وصول الجنيه الرقمي للجمهور وتدير المحافظ الرقمية.
* **صانعو السوق (Market Makers)**: يحافظون على السيولة في السوق الدولي، ويضمنون قدرة المصدّرين على بيع الجنيه الرقمي فورًا واستمرار التداول بسلاسة، مع تحقيق أرباح من فرق السعر ورسوم المعاملات.
الخلاصة
الجنيه الرقمي المصري يمثل خطوة استراتيجية نحو **تحويل جزء كبير من المعاملات المالية والتجارة الدولية إلى النظام الرقمي**، مع الحفاظ على **سيادة الجنيه المصري واستقرار الاقتصاد**. من خلال منصة تسوية مشتركة، يمكن تنفيذ المعاملات دون المرور بالدولار، مع ضمان وجود سيولة مستمرة عبر صانعي السوق.
تداول الأفراد بالجنيه الرقمي وفوائده داخل مصر
بالإضافة إلى التجارة الدولية، يمثل **استخدام الأفراد للجنيه الرقمي داخل مصر جزءًا مهمًا من نجاح هذه المبادرة**. إذ يمكن للمواطنين استخدام الجنيه الرقمي في:
- المدفوعات اليومية:** شراء السلع والخدمات مباشرة من المتاجر أو عبر المحافظ الرقمية.
- الأجور والقروض الصغيرة:** تحويل الرواتب أو دفع أقساط القروض بسهولة وأمان، دون الحاجة للنقد الورقي.
- المدفوعات الحكومية:** مثل دفع الضرائب أو رسوم الخدمات، مما يسرع الإجراءات ويقلل من التزوير.
**فوائد تداول الأفراد بالجنيه الرقمي:**
1. **تعزيز القوة الشرائية للمواطن:** حيث يمكن تنفيذ المعاملات بسرعة وبدون رسوم تحويل عالية، ما يزيد فعالية الإنفاق.
2. **تقليل الاعتماد على النقد الورقي:** ما يقلل التكاليف المرتبطة بالطباعة والتداول ويزيد الشفافية.
3. **تعزيز الشمول المالي:** إذ يتمكن الأفراد غير المتعاملين مع البنوك تقليديًا من الانضمام للنظام المالي الرقمي بسهولة.
4. **تسهيل الرقابة الاقتصادية:** يوفر البنك المركزي بيانات دقيقة عن حركة الأموال، مما يساعد على التخطيط المالي ومكافحة الفساد.
باختصار، **استخدام الأفراد للجنيه الرقمي يوسع دائرة الاستفادة الاقتصادية ويكمل دور العملة الرقمية في دعم الاقتصاد المصري واستقرار الجنيه**.
التأثير المتوقع يشمل:
- تعزيز قيمة الجنيه المصري داخليًا وخارجيًا.
- خفض تكاليف التحويلات المالية الدولية.
- دعم الاقتصاد الرقمي والشمول المالي.
- تقليل المخاطر المرتبطة بتقلب العملات الأجنبية وارتفاع الطلب على الدولار.
باختصار، الجنيه الرقمي ليس مجرد وسيلة دفع إلكترونية فقط بل **أداة استراتيجية لتعزيز الاستقرار المالي ومكانة مصر في التجارة الدولية**، مع ضمان استمرار السيولة ومرونة تحويل الأموال بين البنوك والشركاء التجاريين.